العلاقات الروسية ـ الأمريكية على ضوء الرئيس المنتخب باراك أوباما
من بين القضايا
التي ستكون من أولويات الرئيس المنتخب الجديد باراك أوباما ـ بالإضافة إلى الأزمة
المالية العالمية ، وصولا إلى ما يسمى " الحرب على الإرهاب " ، انتشار
الأسلحة النووية والتغيرات المناخية ـ العلاقات الروسية ـ الأمريكية ، هاته الأخيرة التي عرفت العديد من
التذبذبات ، بل بلغت أسوء مرحلة لها في عهد الرئيس جورج بوش منذ الحرب الباردة ،
فالحرب الأخيرة بين روسيا وجورجيا ، ومشروع نشر الدرع الصاروخي الأمريكي في كل من
بولندا والتشيك ، الذي قوبل برد مماثل من طرف موسكو التي هددت بنشر صواريخ "
اسكندر " في منطقة كالينينغراد الروسية ، تظهر حجم الخلافات بين موسكو
وواشنطن .
إلا أنه من المهم
الإشارة إلى أن الحرب الروسية ـ الجورجية أبانت للكثيرين ـ وعلى رأسهم صناع القرار
بواشنطن ـ بأن روسيا لازالت قوة جيوبوليتيكية تستطيع الدفاع عن مجالها الحيوي
والإستراتيجي بشتى الوسائل ، بما فيها اللجوء إلى القوة العسكرية أي الحرب التي هي
امتداد للسياسة بوسائل متغايرة ، كما قال " نيقولا وزفيتش " .
لقد رحب الرئيس
الروسي ديمتري ميدفيديف بانتخاب أوباما ، بخطاب شديد اللهجة عبر من خلاله أن يساعد
الرئيس المنتخب في تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين ، ملوحا في نفس الوقت بنصب
صواريخ دفاعية في كالينينغراد في حالة ما إذا أقدمت واشنطن على تنفيذ مشروعها .
لذلك فالسؤال أو
التساؤل الذي يطرح نفسه : كيف ستتناول الإدارة الأمريكية الجديدة وعلى رأسهم
الرئيس أوباما العلاقات الأمريكية مع روسيا ؟
الولايات المتحدة
الأمريكية اليوم تواجهها تحديات كبرى ، بدءاً من أزمة مالية عالمية أثقلت كاهل
الدولة ولازالت تتخبط فيها وكلفة خزينتها 700 مليار دولار ، وصولا إلى حربين
مفتوحتين في أفغانستان والعراق لم يتحدد معنى النصر فيهما كما قال " روبرت
باير " /، هاتين الحربين اللتين أنزفتا الخزينة الأمريكية ، وتلقيان معارضة
كبيرة ـ سواء داخل أمريكا أو خارجها ـ تتزايد يوم بعد يوم ، وغيرها من
التحديات...تفرض على أوباما إعادة بناء للعلاقات والتحالفات الإستراتيجية وخاصة مع روسيا حتى تحافظ واشنطن على مصالحها في
أوراسيا خاصة وفي العالم بصفة عامة ،وتعيد بناء قدراتها الإقتصادية و العسكرية
التي تضررت .
إن العلاقات الروسية ـ الأمريكية ـ في نظري ـ ستكون قائمة على نوع من التوازن
والمصالح المشتركة بين البلدين بالنظر لما يشتركان من مسؤوليات مهمة حول مسألة
السيطرة على انتشار الأسلحة غير التقليدية ومكافحة ما يسمى " بالإرهاب "
، ومنع انتشار الأسلحة النووية ، النزاعات الإقليمية وما إلى ذلك من القضايا
الأخرى .
إن الحديث عن
" حرب باردة جديدة " سيكون اخر السيناريوهات المطروحة في وجه العلاقات
بين موسكو وواشنطن في عهد باراك أوباما .